‘ حتى نلتقي الزعيق ‘ - بقلم : يوسف ابو جعفر من رهط
من الذي يقرر؟ هذا السؤال يصاحبنا كل يوم، الزوج، الأب، الأخ، المدير، المعلم، المسؤول الرئيس، كل هذه الأسماء متهمةٌ بأنها تقرر حياتنا اليومية وتؤثر علينا سلبًا أو إيجابًا.
الكاتب: يوسف ابو جعفر - صورة شخصية
وهل القرار يأتي من باب التمثيل أو من باب الموقع؟ فعضو البلدية يمثلنا، والرئيس ولكن من الذي يقرر؟ هل هو الرئيس أم الموظف أو العضو، وربما من يقرر شخص أخر يسمى الموظف وليس بالشرط داخل المؤسسة القريبة منا بل البعيدة، وربما شيء ٌ أخر يسمى القانون.
إذا كان القانون يقرر لنا حياتنا ويحدد لنا أولوياتنا فكيف وصلنا إلى ذلك؟ وكيف نستطيع التأثير على القرار؟
الموضوع قد يبدو سياسيًا في الدرجة الأولى سوى أنه أعم وأشمل بكثير، فقانون تحديد سرعة السير على الشارع يؤثر، وكذلك وضع لافتة توقف( قف) أو أعطاء حق الأولوية كذلك وغيره الكثير، ما أحاول قوله أن القانون يحضر إلى العالم في صيغته النهائية كتوافق بين أفكار سياسية ولعبة سياسية، إلا أنه لا يبدأ هكذا في الغالب.
لأن الممثل السياسي لا يأتي من فراغ بل ليلبي حاجة وأجندة، ولأن قدراتنا للتأثير على إختيار الممثل أكبر بكثير مما نتخيل فتجد فيه الممثل في حالة غريبة، يبدو للوهلة الأولى أنه ملزم بمن بعثوه، ولكنه في الواقع لا يعرفهم مباشرة ولذلك في الغالب يصبح ممثلًا للجميع وخصوصًا في مجتمعنا الذي هو أساسًا أقلية، وربما يمثل الصامتين والمقاطعين والممتنعين، لكن من الذي يؤثر على الممثل أهي الغالبية العظمى أم قلة امتهنت التأثير؟ ربما بطريق الهمس، أو التحالفات، أو حتى الصريخ بصوت عالٍ، وربما المقربين من أصحاب الفكر.
في الحقيقة هو خليط من كل هذه الأمور، نحن هنا نتمتع بقدر كبير من هامش الحرية، ولا تهم الأسباب في هذه المرحلة، ولا أدري أنحسن استغلال المنظومة السياسية، أم هي من تحسن استعمالنا؟
نحن نمتهن حديث القرار السياسي كأنه خبز يومنا، وندعي أنه حقنا في بلادنا، ويكفي لنتذكر بعض المواقف من قيادات العمل السياسي العربي على مدى سبعين عامًا ونيف لنرى كيف كانت الأمور، فمن أحزاب هامشية تتبع السلطة حتى حركة الأرض مرورًا بإقامة احزاب عربية دون تمثيل يهودي حتى وصل الأمر أن يعلن عربي ترشيحه لرئاسة الحكومة ( عزمي بشارة) إلى انخراط العرب في احزاب اليسار الاسرائيلي، وكلها محاولات للتأثير على القرار، لماذا ؟ لأننا ببساطة خارج اللعبة، نحن في نظر كثير من وضعوا القوانين شفافون جدًا، من يرانا في الأغلب يرى جمهورًا على المدرج، يمتهن الزعيق وهو يرى فريقة يخسر جميع المباريات وأصبح بين اثنتين ، إما أن يعتزل المشاهدة، وإما الرضى بالخسارة من جديد كل مرة.
ولذلك يعلو الزعيق من جديد عندما يحاول أحدهم المشاركة في اللعب بل بالتأثير على القرار، إحيانًا مع خسارة مرحلية لمربح أكبر، سوى أن صوت الزعيق يعلو ويعلو وهنا يلتقي في الزعيق الجميع ، المعارض والمقاطع والمؤيد للطرف الأخر، ولا أحد يفهم أننا كنا نصرخ عشرات السنين التي فيها وضعت كل القوانين العنصرية والتمييز، وفوق ذلك كله نقف على منحدر ومنزلق كمثل الذي يصرخ ليل نهار والنار تلتهم بيته ولا يمسك بدلو الماء لإطفاء النار، نعم الغالبية العظمى تفعل ذلك، متخصصة في الزعيق والنقد ولكن لا تعمل.
وحتى نلتقي، البعض امتهن الزعيق، والبعض امتهن العمل، والبعض امتهن الصمت، قد لا نعرف ماذا يخبئ الغد ولكننا نعرف أن النار إذا كانت في طرف حقل القمح ستأكله جميعًا خصوصًا وقد يبست سنابله.
من هنا وهناك
-
الإستاذ والمربي جوزيف حلو من الناصرة : ‘تحية إجلال وتقدير للرفيق النقابي كمال أبو أحمد‘
-
‘ قصتان ووقفتان ‘ - بقلم : الشيخ عبد الله عياش
-
‘ التلقين الدّيني المبكّر: بين قدسية العقيدة وحقوق الطفل الفكرية ‘ - بقلم : أ. سامي قرّه
-
مقال: المحامي فريد جبران .. الإنسان المناسب في المكان المقدس‘ - بقلم: رانية مرجية
-
‘بدنا حقنا ، بدنا نعيش بكرامة ‘ - بقلم : عمر عقول من الناصرة
-
‘ لقاء ترامب ونتنياهو: صياغة للبدايات أم تحديد للنهايات! ‘ - بقلم : المحامي زكي كمال
-
‘ أيها الطالب / ايتها الطالبة، صيفك كنز... كيف تستغله بذكاء؟ ‘ - بقلم : الاستاذ رائد برهوم
-
‘العرس فرح وإشهار وليس حداية واشعار‘ - بقلم : المربي جهاد بهوتي
-
‘ ازدهار عبد الحليم الكيلاني في كتابها ‘أحاديث من التراث‘ تسكب من مشاعرها إضافات وجدانية‘ - بقلم : زياد شليوط
-
‘ المستحيل... حكايات مزورة ‘ - بقلم : الشيخ أمير نفار
أرسل خبرا