بلدان
فئات

13.06.2025

°
20:25
خامنئي في كلمة تلفزيونية إلى الشعب الإيراني: ‘القوات المسلحة سترّد بكل قوة وستجعل الكيان الصهيوني ذليلاً‘
20:10
الجبهة الداخلية في تحذير طارئ للجمهور للإسرائيلي: يجب عليكم البقاء بالقرب من الأماكن الآمنة
20:09
ترقية الحكم عبد الله عازم من الطيبة للدرجة العليا بكرة القدم
19:56
مصادر فلسطينية: سقوط صاروخ في بلدة سعير قرب الخليل | الجيش الإسرائيلي: الصاروخ الذي أطلق من اليمن سقط بمنطقة الخليل
19:42
صفارات الانذار تُدوي في القدس ومنطقة الساحل
19:35
الجيش الإسرائيلي: أنظمة الدفاع الجوي تعمل على اعتراض صاروخ أطلق من اليمن
19:20
قائد الحرس الثوري الإيراني الجديد: أبواب جهنم ستفتح قريبا على إسرائيل
19:20
نتنياهو: أتوقع أن يكون الرد الإيراني على موجات عنيفة جدا
19:17
ماكرون يقرر تأجيل المؤتمر الدولي للاعتراف بالدولة الفلسطينية
17:59
النائب يوسف العطاونة يستجوب وزير الصحة حول تشغيل العيادات المتنقلة في القرى غير المعترف بها
17:44
اتحاد أرباب الصناعة: الصناعات الحيوية الإسرائيلية تعمل بكامل طاقتها لتلبية احتياجات السوق
17:32
مركز زيف الطبي في صفد: نقل جميع المرضى إلى مناطق محمية
17:22
الحراك الشعبي النصراوي: تأجيل مظاهرة اليوم بسبب الأوضاع الأمنية
17:12
إصابة رجل بحادث عنف في يركا
17:12
الجيش الاسرائيلي يوجه تحذيرا لسكان قطاع غزة
17:10
مصادر فلسطينية:‘ 10 شهداء بقصف على عدة مناطق في غزة‘
16:42
جلسة عمل في بلدية الطيبة في ظل الوضع الأمني والطوارئ
16:30
الحاج نزيه ابو مخ من باقة الغربية: تعليمات الجبهة الداخلية أخرّت وصولنا للبلاد لكن الأمور تيسرت سريعا
16:29
بلدية ام الفحم: الرجاء من المواطنين التزام البيوت وعدم الخروج الا للضرورة القصوى
16:13
صفارات انذار في المطلة، كريات شمونة وبلدات أخرى في الشمال
أسعار العملات
دينار اردني 5.04
جنيه مصري 0.07
ج. استرليني 4.86
فرنك سويسري 4.4
كيتر سويدي 0.38
يورو 4.14
ليرة تركية 0.11
ريال سعودي 0.98
كيتر نرويجي 0.36
كيتر دنماركي 0.56
دولار كندي 2.62
10 ليرات لبنانية 0
100 ين ياباني 2.49
دولار امريكي 3.57
درهم اماراتي / شيكل 1
ملاحظة: سعر العملة بالشيقل -
اخر تحديث 2025-06-13
اسعار العملات - البنك التجاري الفلسطيني
دولار أمريكي / شيكل 3.57
دينار أردني / شيكل 5.05
دولار أمريكي / دينار أردني 0.71
يورو / شيكل 4.11
دولار أمريكي / يورو 1.1
جنيه إسترليني / دولار أمريكي 1.31
فرنك سويسري / شيكل 4.36
دولار أمريكي / فرنك سويسري 0.82
اخر تحديث 2025-06-12
زوايا الموقع
أبراج
أخبار محلية
بانيت توعية
اقتصاد
سيارات
تكنولوجيا
قناة هلا
فن
كوكتيل
شوبينج
وفيات
مفقودات
مقالات
حالة الطقس

‘في الشرق الأوسط الجديد.. الطريق إلى واشنطن تمرّ عبر الرياض‘ - بقلم : المحامي زكي كمال

بقلم : المحامي زكي كمال
23-05-2025 05:42:19 اخر تحديث: 04-06-2025 07:30:00

وبعد أن غادر "قطار ترامب" منطقة الخليج في ختام زيارة توقّف فيها في ثلاث محطّات، أولها السعوديّة أكبر مصدّر للنفط في العالم والدولة التي تتحكّم فعلًا بأسعار النفط العالميّة، والتي قرّرت إكرام وفادة ترامب إليها بزيادة الإنتاج

المحامي زكي كمال

قبيل زيارته لضمان خفض الأسعار ولو مؤقّتًا. وثانيها قطر، وهي الدولة التي تقاسمه وتشترك معه في احتياطيات الغاز الطبيعيّ حول العالم والإمارات العربيّة المتحدة وهي التي تزاحم دولًا متقدّمة في مجالات الاستثمارات في التقنيّات والذكاء الاصطناعيّ، وامتنع عن التوقّف في محطة رابعة كانت حتى هذه الزيارة في صلب كل زيارة للرؤساء الأمريكييّن في المنطقة، وعاد إلى بلاده محمّلًا بآلاف المليارات من الدولارات التي أغدقتها عليه هذه الدول، تتمة لاستقبال ملوكيّ وأكثر محقّقًا بذلك ما جاء من أجله مثبتًا لكل من ساورته الشكوك أنه يمتلك أكثر من غيره من قادة العالم حس "القيادة الاقتصاديّة السياسيّة" أو تغليب الاقتصاد على السياسة.

"حديث القرايا"
ما زالت الأسئلة كثيرة وكبيرة، وأهمّها هل "حديث القرايا" الذي دار خلال الزيارة هو نفس حديث "السرايا"، أي هل كانت هناك إنجازات لتلك الدول التي زارها لم تكشفها الاحتفالات والتصريحات النهائيّة، وهي التي استغلّها ترامب لتعظيم وتبجيل إنجازاته، أو أن تلك الإنجازات كانت معدومة وغير موجودة، وبالتالي لم يكن هناك ما يستوجب الإعلان عنه، وفوق كل ذلك السؤال الحقيقي والمؤلم والمُلحّ بالنسبة لدول الخليج، هل استغلّت هذه الدول جزيل عطاياها وكرم هداياها لإقناع ترامب عبر " حديث السرايا" بضرورة وقف الحرب في غزة أو حتميتها، أم أن كل ما كان هناك هو طرف يعطي ويدفع وطرف يأخذ ويتمتّع بتريليونات من الدولارات التي أتت من حيث لا تدري، والسؤال الملحّ وربما المصيريّ إسرائيليًّا حول ما إذا كانت الطريق إلى واشنطن لم تعد تمرّ عبر أورشليم، بعكس الماضي وهو ما كان الدافع وراء علاقات دبلوماسيّة بين إسرائيل ودول أفريقيّة اعتقدت أنها بذلك ستتمكّن من الاقتراب من الولايات المتحدة، أو وراء قرار دول معيّنة خاصة في أوروبا وأمريكا الجنوبيّة نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس لنفس الغاية، وهل هذه الزيارة تعني خاصة على ضوء اللقاء بين ترامب والرئيس السوريّ أحمد الشرع والذي شارك فيه عن بُعد الرئيس التركيّ رجب طيب أردوغان، أن الطريق إلى قلب ترامب تمر عبر جيبه، وأن الطريق إلى واشنطن تمرّ عبر الرياض والدوحة وأبو ظبي وربما حتى أنقرة، وأن قطار ترامب يتجه نحو صياغة عالم جديد وبضمنه شرق أوسط جديد، وبالتالي فركّابه هم السعودية وقطر والإمارات العربيّة المتحدة وسوريا وتركيا وعمّا قريب إيران وروسيا وأوكرانيا والدول الأوروبيّة والصين التي ستنضمّ إليه لاحقًا فالخلاف مع أمريكا ترامب اقتصاديّ، وليس عسكريًّا، ومن هنا فإن حلّه ممكن ومتاح، أما اسرائيل فقد بقيت خارج الركب، وهي تقف في الطرف أو الرصيف المقابل بحرب تنذر ربما بمواجهة إقليميّة خاصّة وأنها لا تكتفي بالحرب في غزة، بل إنها تريد ضمّ الضفة الغربيّة واحتلال غزة وإعادة الاستيطان فيها، ليختار ترامب بن سلمان تاركًا بن غفير وحكومته، مبقيًا إسرائيل في مكانة الدولة الوحيدة التي رفضت اللحاق بقطار ترامب السريع والمتحرك من محطّة الى أخرى دون سابق إنذار ودون جدول زمنيّ واضح، وأن ترامب قرّر الاستغناء عن إسرائيل بصفتها الراكب المشاكس مدركًا أن رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو يرفض الأخذ برأيه القائل أن لا طائل من استمرار الحرب في غزة، وأنه يفضّل الشراكة مع بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، على تلك الشراكة الإستراتيجيّة المتواصلة مع الإدارات الأمريكيّة عامّة والجمهوريّة منها خاصّة وترامب بشكل خاصّ للغاية، وأنه يواصل المراوغة بمعنى الاستجابة الجزئيّة والمبتورة للطلبات الأمريكيّة، ومواصلة تعطيل صفقات التبادل وإدخال القليل من المساعدات الإنسانيّة، وإفشال الخطة الأمريكيّة واسعة النطاق لذلك، لضمان عدم تفكك ائتلافه السياسيّ والحكوميّ، وصولًا إلى حالة ستكون نهايتها إذا ما اعتقد ترامب أن نتنياهو يحول دون تحقيقه أحد أهدافه وهو الحصول على جائزة نوبل للسلام بعد إنهاء الحرب في أوكرانيا وتلك في غزة، فإنه لن يتردد في أن يقول له: "وداعًا وليس إلى لقاء".

هدوء في هذه المنطقة يعني زيادة إنتاج النفط بشكل دائم وخفض أسعاره
هذا السؤال ما زال دون إجابة حتى اليوم، فهناك من يعلنها قطيعة بين ترامب الذي يريد وقف إطلاق النار وإدخال المعونات الإنسانيّة إلى غزة لغاية في نفس يعقوب، وهي ربما زيادة حظوظه في الحصول على جائزة نوبل للسلام كمن أنهى حربين أولهما في أوكرانيا عمرها سنوات ثلاث وثانيهما في غزة عمرها يقارب العامين وأودت بحياة نحو 50 ألف فلسطينيّ، وهي حرب تضطر الولايات المتحدة إلى صرف مليارات على ضمان استمرار تدفّق الأسلحة إلى إسرائيل، ناهيك عن أنها ألحقت بالولايات المتحدة أضرارًا اقتصاديّة كبيرة بسبب نشاط الحوثيّين في اليمن وتهديدهم لحركة وحريّة الملاحة العالميّة رغم الاتفاق الأمريكيّ لوقف إطلاق النار معهم. وهو اتفاق قال عنه مسؤول أمريكيّ أنه ليس سوى مقدّمة، وإذا لم تعد إسرائيل إلى رشدها، فإن الصفقات الباقية كلها سوف تُنفذ من دونها، وهذا إضافة إلى عرقلة خطط أمريكيّة لترتيب الأوراق في الخليج عبر السعي إلى تطبيع إسرائيليّ سعوديّ يفتح الباب على مصراعيه أمام انضمام دول أخرى إلى اتفاقيّات ابراهام، ما يرافقه ضخ لآلاف المليارات من الدولارات من الخليج إلى واشنطن وخزينتها المدينة بتريليونات الدولارات، من السعوديّة والإمارات العربيّة المتحدة عبر اتفاق مع الأخيرة يتعلّق باستثمار إماراتيّ بقيمة 1200مليار دولار في صناعات الرقائق الإلكترونيّة الأمريكيّة كانت واشنطن تردّدت في قبولها سابقًا خشية تسرّب معلومات حول هذه الرقائق إلى الصين على خلفيّة العلاقات الاقتصاديّة المميزة بين الامارات وبكين، إضافة إلى قضيّة أخرى شائكة هي السعي إلى اتفاق مع إيران يهدئ من روع جاراتها الخليجيّات، ويبعدها ولو قليلًا عن الحضن الدافئ الذي وجدته في الصين وروسيا وغيرهما، وفوق كل ذلك هدوء في هذه المنطقة يعني زيادة إنتاج النفط بشكل دائم وخفض أسعاره، وبالتالي تحسين الأوضاع الاقتصاديّة في أمريكا، وربما ترجيح كفتها في الصراع الاقتصاديّ مع الصين، ومن جهة أخرى هناك من يعتبرها مناورة متفق عليها بين إسرائيل وواشنطن، يحاول ترامب من خلالها التظاهر بجفاء مع نتنياهو لتقريب الدول العربيّة الخليجيّة إليه، متيقّنًا من أن القيادات فيها لا تتمتّع بالقدر الكافي من فهم العلاقات الدوليّة عامّة والعلاقات الأمريكيّة الإسرائيليّة خاّصة، ويقينًا ستفهم اختلاف المواقف على أنه خلاف، والعتب على أنه عداء والانتقادات الحادّة على أنها إعلان نزاع وبداية صراع، والحقيقة غير ذلك فترامب حتى لو غضب على إسرائيل ومنها، لن يكسر قواعد اللعبة، وذلك بسبب مؤيّديه من اليمين الجمهوريّ المتزمّت واليمين المسيحيّ الأفنجيليّ المتديّن المؤيّد لإسرائيل، في السرّاء والضرّاء، وذلك بخلاف تصريحات تلت زيارة ترامب إلى الخليج وعدم زيارته لإسرائيل قال خلالها مسؤولون أمريكيّون إن إسرائيل فاتها القطار، وإن قطار واشنطن لن يتوقّف ولن ينتظر على الرصيف، وبقي على إسرائيل أن تلحق بالقطار التاريخيّ الذي غادر المحطة فعلًا، والدلائل كثيرة من سوريا إلى ايران التي تفاوضها واشنطن وفي نفس الوقت تتلقى معلومات استخباريّة بأن إسرائيل تتأهّب ربما لضرب المنشآت النوويّة الإيرانيّة وتؤكّد أن ذلك خرق للخطوط التي وضعها الرئيس ترامب والمتعلّقة بالشأن النوويّ الإيرانيّ، وأنقرة واستمرار المفاوضات بين الإدارة الأمريكية وحركة "حماس" أكّدت الأخيرة خلالها استعدادها للبدء في مفاوضات شاملة لإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليّين دفعة واحدة، مقابل إنهاء الحرب الضارية وانسحاب الجيش الإسرائيليّ من غزة بشكل كامل، أو على دفعات وفق خطة ستيف ويتكوف، لكن إسرائيل بقيادة حكومة نتنياهو، تتهرّب وترفض عبر فرض شروط جديدة، أحدثها نزع سلاح "حماس"، وإجلاء قياداتها وغير ذلك، وتصرّ على "النصر المطلق".

" الرابح البارز "
وانطلاقا من نهج ترامب، اعتبار العلاقات السياسيّة والدبلوماسيّة صفقات اقتصاديّة، لا بدّ لطرف من طرفيها أن يكون الرابح البارز، جاءت النتائج الفوريّة للجولة لتؤكّد ذلك، فمقابل ترامب الذي عاد إلى واشنطن وقد حقّق ما أراد واكثر، لم يحصل أي من الأطراف الأخرى على ضالّته كاملةً، لكن خسائرها إذا صحّ التعبير أقل بكثير من إسرائيل وهي الخاسر الوحيد والأكبر، فالمملكة العربية السعوديّة طمحت مقابل استثماراتها بآلاف المليارات، بإبرام اتفاقيّة أمنيّة رسميّة مع الولايات المتحدة خلال الزيارة تشكّل إنجازًا كبيرًا وتردع خصوم السعوديّة في المنطقة، ومنهم إيران رغم الصلح بينهما، دون أن تحصل على إبرام الاتفاقيّة إلا أن المراقبين والمطلعين يقولون إنها اقتربت منه، وأن المفاوضات دارت حول ذلك، والتوقيع قريب مع الإشارة إلى أن الدولتين اقتربتا العام الماضي من توقيع اتفاقيّة دفاعيّة وتجاريّة تاريخيّة، لكن الصفقة تعثّرت بسبب إصرار السعوديّة على التزام إسرائيل بمسار يؤدّي إلى إقامة دولة فلسطينيّة ضمن تفاهم أوسع يشمل التطبيع مع اسرائيل، بخلاف هذه الزيارة التي لم يكن التطبيع مطروحًا على طاولتها، ولم يكن شرطًا للسماح للسعوديّة بامتلاك قدرات نوويّة مدنيّة، وهو مطلب سعوديّ يؤخّره إصرار السعوديّة على تخصيب اليورانيوم محليًّا، ممّا أثار مخاوف في الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن انتشار الأسلحة النوويّة، حيث استخدام اليورانيوم عند تخصيبه إلى مستويات عالية، في إنتاج أسلحة نوويّة، ورغم ذلك يشير البعض إلى أن العربيّة السعوديّة وكمقدّمة وبادرة حسن نية تعهّدت باستثمارات بقيمة 600 مليار دولار في الولايات المتحدة، بما في ذلك شراكة دفاعيّة واسعة النطاق تقدّر قيمتها بنحو 142 مليار دولار، حصلت الرياض خلالها على عدد من صفقات الأسلحة الخاصّة خلال زيارة ترامب، منها طائرات اف 35 ما يعني رفع قيود معينة كانت قد وضعت على بيع أسلحة للدول العربيّة كان المراد منها ضمان التفوّق النوعيّ الإسرائيليّ، كما كان الحال حتى في بيع هذه الطائرات للإمارات عشية اتفاقيّات ابراهام، في خطوة معناها إذا ما أضفنا إليها إعلان واشنطن بيع تركيا بطاريات صواريخ طويلة المدى، إلغاء التعهّد الأمريكيّ بضمان التفوّق النوعيّ العسكريّ الإسرائيليّ، وإغراق الشرق الأوسط ومنطقة حوض المتوسط بأسلحة أمريكيّة متطورة "لكلّ من يدفع"، دون أيّ قدرة لإسرائيل للتأثير، وهو ما قد يمهّد الطريق لاتفاق أوسع، ومن جهة أخرى تعتبر السعوديّة الانفراجة بين الولايات المتحدة وسوريا أيضًا مكسبًا دبلوماسيًّا كبيرًا، حيث التقى الرئيس ترامب بالرئيس السوريّ الانتقاليّ أحمد الشرع، وأعلن عزمه رفع العقوبات المفروضة على سوريا، ممّا قد يُنعش الوضع الماليّ المتعثر للبلاد.

إمكانية خلق شرق أوسط جديد وفق الرؤية الترامبيّة
وبحكم العبر التاريخيّة في الشرق الأوسط والتي تتطلّب الحذر الزائد حتى، في التوقّعات والتطلّعات والمصطلحات والعبارات، خاّصة إذا كانت تلك تتعلّق بالعلاقات العربيّة - الإسرائيليّة، أو النزاع الفلسطينيّ – الإسرائيليّ، فإننا ورغم نتائج الزيارة ومجرياتها والاستقبال الأسطوريّ الذي حظي به ترامب، مطالبون بالحذر من مجرد استخدام مصطلح "شرق أوسط جديد" لوصف نتائج ومجريات الزيارة، رغم أنه مصطلح يرافق الشرق الأوسط منذ عقود كان قد وضعه رئيس الدولة السابق شمعون بيرس، الذي يبدو اليوم وكأنه سبق عصره، عبر الحديث عن شرق أوسط جديد يسود فيه التوافق وتنتهي الحروب والخصومات، ويسوده سلام اقتصاديّ. وهي أفكار كانت حينها صعبة التحقيق والقبول بوجود قيادات لم تجد إسرائيل وربما أمريكا معها لغة مشتركة منها ياسر عرفات وحافظ الأسد، واتفاقيّات سلام مع مصر والأردن كانت بين القيادات وليس بين الشعوب، وبالتالي كانت معلّقة في الهواء. لكن الوضع اليوم مختلف، فشمعون بيرس لم يعد موجودًا لكن الشرق الأوسط الجديد كما نراه اليوم، يتّخذ صورته الجديدة كمن نهض من بين أنقاض الربيع العربيّ واتفاقيّات ابراهام، وهي معطيات إذا ما أضفنا إليها، وربما بما يخالف المتوقّع، هجمات السابع من أكتوبر 2023، والحرب المتواصلة في غزة والحالة في لبنان بعد تراجع بل ربما تضاؤل قوة "حزب الله" والرئاسة الجديدة في سوريا، وضعف إيران ما يعني إمكانيّة قيام واشنطن وحدها وربما بالتراضي بالحدّ من نفوذ إيران في المنطقة وخطر سلاحها النوويّ، دون مساهمة إسرائيليّة، بمعنى تشكيل المشهد الدبلوماسيّ في الشرق الأوسط والمنطقة بشكل كبير مع تهميش دور إسرائيل وغير ذلك، تعني إمكانية خلق شرق أوسط جديد وفق الرؤية الترامبيّة، خاصّة على ضوء التراجع في مواقف الدول العربيّة التي لم يعد معظمها ومنذ السابع من أكتوبر يصرّ على دولة فلسطينيّة مستقلّة، ناهيك عن عدم الاستعداد لخوض صدام مسلّح مع إسرائيل لتحقيق هذا الهدف، أو لمصلحة الفلسطينيّين، باستثناء الحوثيّين في اليمن، ومن هنا جاء إعلان ترامب ومقربيه أن الرئيس مصرّ على إنهاء الحرب في غزة ودعم النظام الجديد في سوريا، والذي يحذّر الأمريكيّون من أن انهياره قريب إذا لم يتم دعمه ماديًّا وسياسيًّا وإنهاء الخلافات الداخليّة فيه، ومن هنا فالعودة إلى حرب أهليّة سوريّة قريب زمنها وعودة التدخل التركيّ والروسيّ والإيرانيّ هناك وهو ما يتنافى مع رغبات ترامب، الذي يعتبر تغيير الحال في الشرق الأوسط وبناء شرق أوسط جديد، الخطوة الأولى والهامّة نحو تحقيق أحلامه الاقتصادية وبعضها شخصيّ ، والسياسيّة لبلاده، وصولًا إلى جائزة نوبل للسلام.

" تحذيرات أمريكيّة "
مقابل ذلك، تقف حكومة إسرائيل اليوم، تواجه تحذيرات أمريكيّة بالتراجع عن دعمها إذا لم تتوقف الحرب التي بات أقطاب الإدارة الأمريكيّة الجديدة وفي مقدّمتهم ترامب يعتبرونها عبثيّة بل سياسيّة، فنتنياهو يدرك أن وقف الحرب حتى لو كان ذلك لفترة وجيزة، يعني نهاية ائتلافه مع التأكيد على أنه بات من شبه المؤكّد أن بقاء الائتلاف هو الغاية الأهمّ لنتنياهو، وأنه يحتلّ المرتبة الأولى في سلّم اهتماماته متفوّقًا على قضايا الرهائن والمختطفين والاقتصاد والأمن ومكانة إسرائيل وعلاقاتها مع دول العالم والتي تشهد تدهورًا متواصلًا ملامحه تؤكّدها خطوات بريطانيا الأخيرة وإلغاء اتفاقيّات اقتصاديّة، وفرض عقوبات على حركات استيطانيّة يمينيّة، وربما حتى العلاقات المميّزة مع واشنطن، والتي تدهورت رغم أن نتنياهو يدرك أن استعادتها لا تتطلّب وقف الاستيطان، أو إعلان إقامة دولة فلسطينيّة ولا إعادة الجولان، أو الضفة الغربية، ولا حتى وقف البناء في المستوطنات، بل قراءة العنوان المكتوب على الحائط بحروف من نار وضحايا، مفاده أن العمل العسكريّ الإسرائيليّ في القطاع قد استنفِذ ولا طائل منه، وأن المطلوب هو ببساطة وقف الحرب واستعادة كافة الرهائن. وهو ما تحاول أمريكا فعله وتعرقله حكومة نتنياهو كما تؤكّد المعطيات وحتى تصريحات الوسطاء القطريين هذا الأسبوع، وما تفهمه عائلات المختطفين. وهو ما دفع ترامب كما أفادت مصادر موثوقة إلى قطع الاتصالات مع رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو، على خلفيّة شكوك بأنه يحاول التلاعب به، حتى أن مقربين من ترامب أبلغوه بأن نتنياهو يتلاعب به، ولا يوجد شيء يكرهه ترامب أكثر من أن يظهر كأنه مغفّل، لذلك قرّر قطع الاتصال معه، لأنه لا ينفذ وعوده التي قطعها لترامب الذي يريد معونات إنسانيّة ووقف الحرب وإطلاق سراح الرهائن بينما تريد حكومة نتنياهو مواصلة الحرب، وعدم ادخال المعونات وعدم إطلاق سراح الرهائن، الذين يقول عنهم إعلاميون مقربون من نتنياهو أنه لا يمكن التنازل والتساهل ووقف الحرب لحلّ "ضائقة شخصيّة لإثنين وعشرين عائلة هي عائلات الرهائن الأحياء".

هل قرّرت حكومة نتنياهو التخلّي عن كافّة الأصدقاء والداعمين مقابل ضمان وجودها؟
ختامًا، صحيح أنه من السابق لأوانه الحكم على مخرجات الزيارة خاصّة وأن ترامب معروف بتقلّب مزاجه وتغيّر قراراته دون سابق إنذار، لكن الواضح حاليًّا أن على الحكومة الحاليّة في إسرائيل أن تدرك، أن حجم مخاوفها من ترامب يجب أن يضاهي، بل يفوق حجم فرحها وفرح مؤيّديها بانتخابه، فهو في ولايته الثانية ليس مدينًا لأحد، بل إن ما يهمه هو أمور شخصيّة وثانيًا مصلحة بلاده، أي أوّلًا مصلحته هو، وأنه لن يتردّد في المضي قدمًا في خطوات متعلّقة بالشرق الأوسط دون انتظار نتنياهو، في ظلّ التغيّرات الجيوسياسيّة الإقليميّة والتطوّرات العالميّة، ويقينًا الحكومة تدرك ذلك لكنها مشغولة بصراع بقائها، دون أن تفهم أنه آن الأوان لاتخاذ قرارات شجاعة ترسم معالم الطريق، وتحدّد ما إذا كانت إسرائيل قد تخلّت عن مكانتها كحليفة أولى للولايات المتحدة تفتح الطريق إلى واشنطن أمام كل من تريد له ذلك، أم أنها تتنازل عن ذلك للرياض والدوحة وأبو ظبي، وتتنازل عن دعم ترامب كما يبدو أنها تنازلت عن دعم بريطانيا التي وصفتها اليوم بأنها مهووسة بمعاداة إسرائيل والساميّة متناسية مواقف رئيس وزرائها كير ستارمر الداعمة لإسرائيل، مع تذكيره بأن "الانتداب البريطانيّ انتهى منذ 77 سنة"، والسؤال هو: هل قرّرت حكومة نتنياهو التخلّي عن كافّة الأصدقاء والداعمين مقابل ضمان وجودها، وهل هي بذلك تضع على المحكّ أو على "طاولة القربان" مصالح إسرائيل مفضّلةً مصالحها السياسيّة عليها، لتبقى كما جاء في التوراة "شعب يعيش بمفرده وربما على حدّ السيف"، أو أنها ستحطّم كافة المبادئ على صخرة المصلحة الشخصيّة كما قال المفكّر توفيق الحكيم: "المصلحة الشخصيّة هي دائما الصخرة التي تتحطّم عليها أقوى المبادئ"؟؟
والسؤال الأهمّ هل الشعوب في هذا الشرق يعرفون بأن "الزعماء كلّما راعيت ظروفهم ذلّوك، وكلّما راعيت أحاسيسهم جرحوك، وكلّما أعليت من شأنهم احتقروك. وهؤلاء لن يعرفوا قدرك إلا إذا خسروك!!!


panet@panet.co.ilاستعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال ملاحظات لـ

إعلانات

إعلانات

اقرأ هذه الاخبار قد تهمك