بلدان
فئات

04.08.2025

°
10:11
المستشارة القضائية للحكومة للوزراء قبيل التصويت على قرار اقالتها : إقالتي غير قانونية ، يبحثون عن من يبرر خرق القانون
10:11
وفاة رضيعة وُلدت في ولادة مائية منزلية في مركز البلاد
09:39
قتل مواطن إسرائيلي في مدينة لاس فيغاس بعد أن تعرّض للسرقة
09:14
اصابة شابة بحادث عنف في شقيب السلام
09:13
اصابة رجل بحادث عنف في طمرة
08:53
مصادر فلسطينية: ‘استشهاد شاب من مخيم جنين واحتجاز جثمانه قرب قباطية‘
08:52
مصادر فلسطينية: ‘شهداء وجرحى بقصف اسرائيلي على دير البلح وسط قطاع غزة‘
08:39
محتجون في عرابة: ‘ما حدث للحاجة لطفيّة ليس مجرد جريمة فردية بل ناقوس خطر يتطلب تحرّكًا جماعيًا عاجلًا ‘
08:31
احتجاجات في كوريا الجنوبية على اتفاقية الرسوم الجمركية الأمريكية
07:39
إغلاق ورشة بناء في ‘غفعتايم‘ بعد توقيف عامل من الضفة بدون تصريح تم تشغيله في المكان
07:39
إيران تنشئ مجلسا جديدا للدفاع في أعقاب الحرب مع إسرائيل
07:30
المربية غادة رباح جمّال: العطلة الصيفية يجب أن تكون فرصة لتعزيز التواصل الأسري
07:30
لقاء تنسيقي بين قسم الثقافة وقسم الطفولة المبكرة في أم الفحم لإعداد خطة تربوية ثقافية لرياض الأطفال
06:25
حالة الطقس : أجواء غائما جزئيا الى صافية تسود البلاد
00:00
محاولات انقاذه باءت بالفشل | اقرار وفاة المصاب باطلاق النار في أبو سنان
22:55
مصاب بحالة حرجة اثر تعرضه لاطلاق نار في أبو سنان
21:49
اتهام شاب من الضفة الغربية بسرقة مركبات من مركز البلاد
21:45
اعتقال مشتبه من القدس بالإعتداء بعنف على والدته المسنّة
21:44
اعتقال فتى (15 عاما) ووالده من كابول بشبهة حيازة سلاح واطلاق نار
20:54
لجنة أولياء أمور الطلاب المركزية في الطيبة: ‘نرفض الزجّ بالمؤسسات التربوية في صراعات سياسية أو شخصية‘
أسعار العملات
دينار اردني 4.81
جنيه مصري 0.07
ج. استرليني 4.51
فرنك سويسري 4.19
كيتر سويدي 0.35
يورو 3.9
ليرة تركية 0.11
ريال سعودي 0.98
كيتر نرويجي 0.33
كيتر دنماركي 0.52
دولار كندي 2.46
10 ليرات لبنانية 0
100 ين ياباني 2.27
دولار امريكي 3.41
درهم اماراتي / شيكل 1
ملاحظة: سعر العملة بالشيقل -
اخر تحديث 2025-08-04
اسعار العملات - البنك التجاري الفلسطيني
دولار أمريكي / شيكل 3.43
دينار أردني / شيكل 4.86
دولار أمريكي / دينار أردني 0.71
يورو / شيكل 3.97
دولار أمريكي / يورو 1.1
جنيه إسترليني / دولار أمريكي 1.31
فرنك سويسري / شيكل 4.26
دولار أمريكي / فرنك سويسري 0.81
اخر تحديث 2025-08-04
زوايا الموقع
أبراج
أخبار محلية
بانيت توعية
اقتصاد
سيارات
تكنولوجيا
قناة هلا
فن
كوكتيل
شوبينج
وفيات
مفقودات
كوكتيل
مقالات
حالة الطقس

‘هل تفاقم الحرب يأتي بالسلام، أم يُبقي القيادات فاقدة الأمان والإئتمان؟‘ - بقلم: المحامي زكي كمال

بقلم: المحامي زكي كمال
03-08-2025 12:51:15 اخر تحديث: 04-08-2025 07:43:00

لقد عادت سمة الشرق الأوسط الأصليّة والبارزة، وهي افتقاره للاستقرار، نظرًا لحالته المولودة، وملخّصها أن حدود المنطقة بغالبيّتها العظمى غير واضحة، فضلًا عن أنها لم تستند إلى حقائق جغرافيّة واضحة، أو إلى منطق تاريخيّ عرقيّ أو ثقافيّ معروف،

المحامي زكي كمال - تصوير: موقع بانيت وقناة هلا

إلى البروز في الكثير من الدول العربيّة التي تعاني صراعات طائفيّة وإثنيّة منها العراق ولبنان وليبيا وحتى اليمن السعيد الذي توحّد مرّات، وانفصل إلى شماليّ وجنوبيّ مرّات أخرى، ومؤخّرًا في سوريا وخاصّة بعد المذابح التي شهدتها منطقة جبل العرب والسويداء ما يشكّل عودة سوريا إلى مراحل ما قبل استقلالها، وعودة خطر تقسيمها أو انشطارها إلى عدّة دول أو دويلات إثنيّة وطائفيّة، يؤكّد أن حالة "الهدوء والاستقرار" التي عاشتها هذه البلاد منذ تأسيسها واستقلالها في حدود قرّرتها الدول الاستعماريّة وخاصّة بريطانيا وفرنسا، كانت قائمة إلى حين وأنها انتهت إلى غير رجعة، فزادت الطين بلة صفة أخرى تلازم المنطقة بدولها وشعوبها، ومنهم الشعب الفلسطينيّ، وحتى دولة إسرائيل مؤخّرًا، وهي غياب القيادة الشجاعة والحالمة والحقيقيّة، التي تتبنّى أو تبني طرحًا يخفّف من حدّة توتّراتها، ويفتح المجال أمام تعاون وسلام وعلاقات حسن جوار، ومعها حياة كريمة للمواطنين مفضّلًا على ذلك السعي الشخصيّ والخاصّ، إلى موقع الزعامة، وبعد ذلك بذل الغالي والنفيس للبقاء في موقع الزعامة حتى لو كان ثمن ووقود ذلك، كما أكّدت مذابح واعتداءات السويداء وجوارها، إذكاء نار الفتنة بين مركّبات الدولة الواحدة، ولا أقول الشعب الواحد الذي عاد كما يبدو إلى أصله وحالته قبل الاستقلال، أي إلى طوائف وفئات عرقيّة ودينيّة وإثنيّة ومذهبيّة، أو خوض حروب لا طائل منها كما عمدت حركة "حزب الله " في لبنان أكثر من مرّة، وحركة "حماس" بهجمات السابع من أكتوبر 2023، وما رافقها من ضحايا إسرائيليّين وفلسطينيّين والحرب المتواصلة دون أن تبدو نهايتها في الأفق بسبب مواقف الحكومة الإسرائيليّة ورئيسها بنيامين نتنياهو، والتي يفسّرها العارفون من بعيد ومن قريب أنها مقصودة لضمان بقاء حالة عدم الاستقرار باعتبارها الوسيلة الوحيدة لضمان الائتلاف الحكوميّ الحاليّ وبقائه، جاءت الأشهر الأخيرة لتؤكّد صفة أخرى تزيد من شدّة وحدة المصيبة، أو حتى الكارثة التي تعيشها المنطقة، وهي صفة انعدام الاستراتيجيّات سواء كان منها البعيدة أو القصيرة. وهو ما تثبته أمور عديدة شهدناها في الأسبوعين الأخيرين، ودون الحاجة للعودة إلى غياهب التاريخ والسياسة، تتعلّق بالحرب في غزة والمواقف الإسرائيليّة والفلسطينيّة والعربيّة والعالميّة والأمريكيّة منها، والمذابح في جنوب سوريا والحال في لبنان بعد اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل من تشرين الثاني 2024، وذلك رغم معرفة القيادات السياسيّة أن انعدام الاستراتيجيّات الواضحة وبعيدة المدى، يجعل من كافّة القرارات تكتيكات تفاوضيّة أو سياسيّة، أو حتى ائتلافيّة وحزبيّة وسياسيّة قصيرة المدى وربما آنيّة في أحسن الأحوال، وسياسات تمّ إقرارها واتّخاذها دون دراسات معمّقة وواضحة، بل إنها مجرّد تصريحات ليس إلا، هدفها محاولة المحافظة على ميزان القوى، أو كسب الوقت، أو تسجيل انتصارات وإنجازات مؤقّتة زائلة، دون حساب لليوم التالي، بل دون ممارسة أبسط قوانين وقواعد الربح والخسارة.

انتقال سريع من النشوة والفرح إلى الكبوة والترح

بما يتعلّق بالحرب في غزة، يبدو انعدام الاستراتيجيّات من حيث استمرارها من عدمه، أو التوصل إلى اتفاقيّات لوقف إطلاق النار، واضحًا أولًا على الصعيد الإسرائيليّ والمواقف السياسيّة الإسرائيليّة التي تراوحت خلال أسبوعين فقط بين إعلان عن توسيع للعمليّة العسكريّة، لتشمل منطقة خان يونس التي لم تشهد عمليّات عسكريّة من قبل، وبين الحديث عن إقامة "مدينة إنسانيّة" وتجميع مئات الآلاف من الفلسطينيّين فيها من شمال القطاع وجنوبه، وزيادة عدد نقاط توزيع المساعدات الإنسانيّة على المواطنين الغزيّين، وبين الحديث عن عدم وجود مجاعة، أو نقص في الموادّ الغذائيّة، أو عمليّات تجويع مقصودة، واعتبار كل حديث عن ذلك ديماغوغيّة حمساويّة، وصولًا إلى إعلانين في يوم واحد فقط ينسفان كل ما سبق أولهما السماح بإدخال كميّات كبيرة من الموادّ الغذائيّة إلى القطاع، وإنزال إضافيّ عبر طائرات أردنيّة وإماراتيّة، في اعتراف ضمنيّ بوجود نقص في الموادّ الغذائيّة، وعدم قدرة إسرائيل ومنظّمة غزة للغذاء التي توزّع الطعام على الغزيّين، على توفير الطعام أو عدم قدرة إسرائيل على حماية الغزيين الذين يتنقلون من منطقة إلى أخرى بحثًا عن الماء والدواء من خطر إطلاق النار عليهم ومقتلهم ، ومحاولة عبر خطوة تكتيكيّة قصيرة المدى غير مدروسة الأبعاد على صعيد الإعلام الدوليّ وصورة إسرائيل في العالم، تخفيف الضغط عنها، عبر خطوات تتبناها، وتؤكّد أنها لم تفكّر حتى اليوم بوضع استراتيجيّة واضحة تضمن تحقيق أهداف الحرب، وتشمل سيناريوهات لإنهائها ومواجهة ما يحدث خلالها. تضاف إليها خطوات أخرى منها الموافقة على مشروع إماراتي لجلب المياه إلى غزة من مصر، وهو اعتراف من جهة بنقص المياه الخطير، والذي تنكره إسرائيل من جهة أخرى، وكل ذلك وسط أحاديث من قيادات عسكريّة تؤكّد ضرورة اتخاذ قرارات حاسمة بوقف الحرب وإطلاق سراح المختطفين، تقابلها مواقف سياسيّة تؤكّد أن الحكومة وعلى لسان وزرائها تريد طرد الغزيّين وإخلاء غزة وإعادة الاستيطان فيها، في حالة تؤكّد أن عدم الاستقرار بكل ما يتعلّق بما سبق، يجعل الحرب وما يرافقها محليًّا وعالميًّا رهن بقرارات آنيّة سريعة ومتسرّعة لا تجتمع إلى استراتيجيّة واضحة، بل إنها قرارات تتناثر في كافّة الاتجاهات تجعل الدولة كلها، ربما باستثناء الائتلاف الحكوميّ الحاليّ، يترنّح وسط قرارات تتراوح بين النشوة بقرب وقف لإطلاق النار وبين اليأس والقنوط جرّاء انتكاسات سياسيّة ودبلوماسيّة دوليّة تواجهها إسرائيل على الساحة الدوليّة جرّاء إعلان فرنسا الاعتراف بالدولة الفلسطينيّة، والصور التي نشرها الإعلام العالميّ وتغاضت عنها قصدًا وسائل الاعلام الإسرائيليّة والتي تعكس مجاعة حقيقية في غزة، في حالة يمكن وصفها بالانتقال السريع من النشوة والفرح إلى الكبوة والترح، أو توصف وفق مصطلحات الطبّ النفسي بأنها "مانيا ديبرسيا" وبالعربيّة "الاضطراب الثنائيّ القطب" واسمه سابقًا الاكتئاب الهوسيّ.

والحال هو الحال فلسطينيًّا فانعدام الاستراتيجيّة لدى حركة "حماس" هو حالة متواصلة منذ السابع من أكتوبر، ووصل ذروته في الأشهر الأخيرة خاصّة بعد تعثّر الصفقة الأخيرة مع إسرائيل في آذار من العام 2025، وصولًا إلى حالة تراوحت فيها القرارات الآنيّة وربما المستعجلة بضغط قطريّ ومصريّ وعربيّ، بين استعداد للتفاوض والتوصّل إلى صفقة، بل المطالبة بها وبين المماطلة ووضع الشروط، وتراوحت القرارات والتصريحات حول الصفقة بين نشوة وفرح باقترابها وبين قنوط من تأخرّها وبين مراهنة على أن الشعب في غزة صامد لا يلين، وأن بإمكانه مواصلة الحال أشهرًا أخرى، وبين دعوات لتدخّل دوليّ وعربيّ درءًا لمجاعة ونقص في الأدوية والطعام والشراب. وكلها قرارات سببها عدم وجود استراتيجيّة فلسطينيّة أو "حمساويّة" في هذا السياق لليوم التالي، أو تصوّر على الأقلّ لما يمكن للحركة قبوله بكل ما يتعلّق بشكل السلطة، أو الجهة التي ستدير أحوال القطاع بعد انتهاء الحرب. وهي قضيّة يسود حولها إجماع عالميّ وعربيّ وأوروبيّ ملخّصه أن لا دور لحركة "حماس" فيه، مقابل رفض من قبل الحركة للتخليّ عن السلطة في تكرار لما سبق من مراهنة على إطالة الحرب، وعدم الالتفات إلى خسائرها الماديّة والبشريّة لتحقيق الهدف الذي تصبو إليه، وهو استمرار سيطرتها وحكمها ووجودها السياسيّ والعسكريّ والماليّ، أي الحفاظ على نفوذها، بمعنى أن عدم الاستقرار في هذا الجانب يخدم استقرارها السلطويّ ووجودها كقوة سياسية، وضمان نفوذ قياداتها في الداخل والخارج.

سيطرة الفكر الواحد والرجل الواحد ودكتاتوريّة الأغلبيّة

ومواقف أحمد الشرع الرئيس السوريّ، من المذابح في منطقة السويداء، تؤكّد "وحدة الحال" فهو رئيس، وكما اتضح مؤخّرًا يقود بلاده دون استراتيجيّة بعيدة المدى، بل وفق قرارات وخطابات شعبويّة تخدم تكتيكيًا بقاءه وسلطته. تكفي مراجعة بسيطة للأحداث لتأكيد ذلك، أولها إعلانه فور سيطرته على مقاليد الحكم عن فترة انتقاليّة وتحديدًا تعيين حكومة مؤقّتة تدير المرحلة الانتقاليّة للبلاد لمدّة ثلاثة أشهر تنتهي مطلع آذار 2025 ، وتتعهّد بإعداد دستور جديد، مؤكّدًا أن أولويّاته هي الحفاظ على السلم الأهليّ وحلّ كل الفصائل المسلّحة، إضافة إلى الجيش والأجهزة الأمنيّة القائمة في العهد السابق، وإلغاء العمل بالدستور وحلّ مجلس الشعب وحزب البعث الذي حكم البلاد على مدى عقود، ليتضح أنها تكتيكات قصيرة المدى تنقضها قرارات وتصرّفات متسرعة كانت نتائجها مذابح ضد العلويّين في الساحل الشماليّ وضد الدروز مرّتين في السويداء وصحنايا وغيرها، ما يؤكّد أن كافّة التصريحات في هذا الخطاب كانت تكتيكات لم تنفّذ، بل ربما تم العمل بعكسها، وهو ما اتضح في الساحل الشماليّ ومنطقة السويداء من حيث تصرّفات النظام الذي فعل عكس ما وعد به، من حيث تأجيج الصراعات الداخليّة ودعم جماعات مسلّحة أصولية وتكفيريّة مقرّبة منه ومن فكره تضرب السلم الأهليّ، وتحاول إخضاع الأقليّات العلويّة والدرزيّة والمسيحيّة والاعتداء المسلّح عليها، وإيقاع القتلى والجرحى، لفرض سيطرة الفكر الواحد والرجل الواحد ودكتاتوريّة الأغلبيّة، وسط صمت دوليّ وتجاهل واضح لكون ما سبق من تصرّفات مرحلة تكتيكيّة ارتدى فيها الشرع الزي الدبلوماسيّ ليحظى باعتراف عربيّ ودوليّ سريع، وربما غير مسبوق من حيث التحول، ما يثبت أن هذا الاعتراف هو دليل آخر على كون الشرق الأوسط يدار عبر قرارات تكتيكيّة قصيرة المدى وأحيانًا آنيّة، أو خطوات ليل يمحوها النهار.

 والشيء بالشيء يذكر، فانعدام الاستراتيجيّة في سوريا ولبنان وغزة هو سمة السياسة الأمريكيّة أيضًا، خاصّة في عهد الرئيس دونالد ترامب والتي تستند إلى تصريحات متفائلة منها أن الرئيس الشرع هو "زعيم لائق ولطيف وشجاع" يتم رفع العقوبات عنه وعن بلاده، وبين مطالبة له بضبط الأمور، ولكن بلهجة لطيفة كما جاء على لسان توماس باراك الموفد الأمريكي لسوريا من أن واشنطن "تتابع بقلق بالغ ما يجري في محافظة السويداء، من وضع إنسانيّ مؤلم"، وترى "ضرورة أن تقوم الحكومة السوريّة بدورها في وقف الانتهاكات، ولكن بعد أن تبسط سلطتها بشكل فعليّ على كامل الأراضي السورية" وهو تصريح يعكس الموقف التكتيكيّ للإدارة الأمريكيّة الجديدة والتي تسعى إلى تثبيت أقدام أحمد الشرع في الحكم والتغاضي عن هفواته وتقديم التسهيلات المتواصلة له، والاكتفاء بالدعوة إلى دمج الأقليّات السوريّة في الحكم، وإنهاء تهميشها، معتبرًا أن الحلّ السياسيّ في سوريا لا يزال بعيد المنال بسبب تعقيدات المشهدين الإقليميّ والدوليّ، على حدّ قوله، ما يعني إعطاء الشرع المزيد من الوقت لتنفيذ مخططاته وعدم طرح أية مطالب واضحة أمامه عليه تنفيذها، وليس ذلك فحسب، بل الحرص على وجود تنسيق بين سوريا ودول الجوار حولها سواء إسرائيل أو غيرها من الدول، ولذلك لا بدّ من القول أن سياسات الولايات المتحدة في سوريا عبر قرارات مرحليّة تشكّل استجابة لأهداف إسرائيل وليس سياسة تخدم أهداف الولايات المتحدة ورؤيتها، إذا كانت هناك رؤية كهذه أصلًا، حول اليوم التالي في سوريا، وباختصار منح أحمد الشرع كل الصفح والمسامحة والشروط المخفّفة، وغضّ الطرف عن أفعاله، دون أن يدفع أي ثمن، بل حتى الضغط على إسرائيل لوقف قصفها للمواقع الحكوميّة السوريّة، حيث رشح عن مصادر أمريكيّة اعتبار القصف الإسرائيليّ جنونًا.

وإذا كان الحال كذلك في سوريا، فإنه مناقض تمامًا في لبنان، فالولايات المتحدة هناك تتبّع سياسة "جباية الثمن مسبقًا"، خاصّة بكل ما يتعلّق بإجبار الحكومة اللبنانيّة على إلزام حركة "حزب الله" بالتخلّي عن سلاحها وعدم الاكتفاء بالانسحاب المسلّح إلى ما بعد نهر الليطاني، حيث تؤكّد واشنطن لكل من يريد أن يسمع - وبخلاف حكومة الشرع التي تحظى بالدعم والتعاون، دون أن تثبت مصداقيتها بل رغم إنها أثبتت دمويّتها وعدم مصداقيّتها في السويداء والساحل - أن مصداقيّة الحكومة اللبنانيّة تعتمد على قدرتها على نزع سلاح "حزب الله"، وتصرّ على أن يتم سحب سلاحه مسبقًا وقبل انسحاب إسرائيل من النقاط التي ما زالت تسيطر عليها في لبنان، وتؤكّد أنه ما دام حزب الله يحمل السلاح، فإن الأوضاع لن تتقدّم وسيبقى الشعب اللبنانيّ في نفس الحالة، دون أن ينسى توماس باراك وفي نفس السياق أن يؤكّد، أنه حتى لو حصل ذلك، فإن بلاده لا تملك الحقّ - في الحقيقة هي تستطيع لكنها لا تريد - على إجبار إسرائيل على الانسحاب من النقاط والمواقع التي تسيطر عليها في جنوب لبنان، حيث أكد توماس باراك أن بلاده لن تمارس هذا الدور، لكنها بالمقابل تعمل على إلزام لبنان بخطة سياسيّة وأمنيّة متكاملة تشمل نزع سلاح "حزب الله" خلال فترة أقصاها أربعة أشهر، مقابل انسحاب الجيش الإسرائيليّ من المناطق التي لا يزال يحتلّها الاحتلال الإسرائيليّ في جنوب لبنان، دون التعهد بذلك ودون ضمان وقف الهجمات الإسرائيليّة على لبنان.

"أضغاث أحلام"

بشأن غزة فالأمور أصعب، وعدم وجود استراتيجيّة أمريكيّة واضحة، يبدو جليًّا بدءًا بخطة الريفييرا في غزة والترحيل، مرورًا بإلقاء مسؤوليّة منع التهجير على الدول العربيّة عبر مؤتمر الرياض، وصولًا إلى التهديد بفتح أبواب جهنم على "حماس" من جهة والتفاوض معها المباشر وغير المباشر، وصولًا في الأسابيع الأخيرة إلى إعلان دونالد ترامب أن الصفقة لوقف الحرب لمدّة ستين يومًا أصبحت جاهزة وسيتم توقيعها خلال أيام، مؤكّدًا اعتزامه ممارسة الضغوط على إسرائيل، وتأكيدات من مصادر أمريكيّة مطلعة أن تصريحات ترامب هي جزء من عمليّة كبرى تنتهي بوقف الحرب في غزة، وإطلاق سراح الأسرى، وإغلاق ملفّات محاكمة نتنياهو، إلى جانب خطوات إقليميّة مرتقبة، في إشارة إلى توسيع اتفاقيّات أبراهام وربما تطبيع مع السعوديّة، أو خطوات أوليّة نحوه، وكلها تصريحات تكتيكيّة انتهت مطلع هذا الأسبوع بتراجع واضح رافقته تصريحات تؤكّد أن ما كان لم يتعدى كونه "أضغاث أحلام" أو أن ترامب كان يعزّي نفسه بالتمني، إذ صرّح بما معناه أنه "يستسلم ويتراجع" عن إمكانيّة تحقيق الصفقة ووقف إطلاق النار، قائلًا إنه لا يعتقد أن حماس ستُبرم صفقة، لأن ذلك يعني أنهم بلا حماية، في تصريح ربما أظهر ما كان يجب أن يبقى خافيًا، وهو أن ترامب لا يملك استراتيجيّة واضحة في هذا السياق أيضًا وبالتالي لا يمكنه أن يضمن، كما في الحالة اللبنانيّة، أن لا تعود إسرائيل إلى القتال والحرب بعد أن تطلق "حماس" سراح كافة الأسرى، أي بعد أن تلقي الحركة بورقة الضغط الأخيرة، وهي عودة جزئيّة على رغبة واشنطن أن تدفع "حماس" الثمن سلفًا بخلاف إسرائيل وهو ما اتّضح ممّا حدث في الصفقة السابقة في آذار الماضي.

موقف أمريكا هذا ليس بجديد، بل إنه يلخّص سياسة الأمن القوميّ للإدارة الأمريكيّة السابقة برئاسة جو بايدن كما تمّ الكشف عنها رسميًّا في تشرين الأول أكتوبر عام 2022، وسياسة إدارة ترامب الحاليّة وملخصها بكلمات دبلوماسيّة "ضرورة الحفاظ على توازن قوى إقليميّ مناسب في الشرق الأوسط"، أي عدم السماح بهيمنة قوة إقليميّة عليه، لكنه في هذه الظروف خاصّة في غزة يحمل في طيّاته أبعادًا خطيرة للغاية خاصّة، وأنه قد يعني إطالة عمر الصراع وعدم السعي إلى حلّ دائم، لأنه لا يخدم مصالح إسرائيل، بعكس الدول الأوروبيّة التي أعادت إلى الطاولة حلّ الدولتين، عبر مؤتمر على مستوى الوزراء برئاسة فرنسا والسعوديّة شارك فيه عشرات الوزراء في الأمم المتحدة، ويهدف إلى دفع الجهود نحو إحياء مسار "حلّ الدولتين" بين إسرائيل والفلسطينيّين، قاطعته الولايات المتحدة وإسرائيل، خاصّة وأن الأخيرة تثق بعلو كعبها وبأن إستراتيجيّة فضّ الساحات أتت أكلها، ووفقًا لهذا المنطق يقول نتنياهو إنه إذا نجح في فضّ الساحة الأولى (لبنان) والساحة الثانية (سوريا) يجب أن تفضّ الساحة الثالثة (غزة)، لأن هناك علاقة ما بينها، وهذا ما قد يجعل إسرائيل غير راضية عن السياق التفاوضيّ إلا من منظور هزيمة واستسلام عبر الضغوط الممارسة على حماس، سيليه مؤتمر في أيلول القريب تزامنًا من الاجتماع السنويّ للجمعيّة العموميّة للأمم المتحدة. ومن هنا فإن انعدام الإستراتيجيّة الواضحة في واشنطن وهي العامل الأساسيّ، أو الجهة الوحيدة التي يمكنها ممارسة الضغط على إسرائيل هو الأخطر وهو ما يجب أن يتغيّر، فاستمرار الولايات المتحدة باتخاذ قرارات تكتيكيّة وتصريحات دون رصيد قد تفسّره الأطراف على أنه حماية لها من عواقب أفعالها، أي أن واشنطن "تضع إصبعها في السدّ، وتمنع فيضانه" كلما تفاقمت الأوضاع، فالخطر كبير إذا اعتقدت الأطراف أن الآخرين (الولايات المتحدة أو الوسطاء من مصر وقطر) سيحمونهم من الخسارة، وبالتالي يمكن الجزم أن المنطقة في كافّة المواقع التي سبق ذكرها تقف على مفترق طرق، فإما انتهاء عهد المواجهة والانطلاق نحو مرحلة من الهدوء والتطوّر أو انفجار عسكريّ وحروب داخليّة وإقليميّة. وهنا لا بدّ لمنع ذلك من استراتيجيّات واضحة تضعها أمريكا والدول العربيّة وأوروبا وإسرائيل والفلسطينيّين، تشكّل ربما قولًا لكلمة واضحة وصريحة واتّخاذ موقف واضح وشجاع في هذه الظروف، دون الاكتفاء بخطوات تكتيكيّة مؤقّتة قصيرة المدى، ودون القبول بالحياد خاصّة على ضوء ما يحدث، وهذا الحياد هو الخطر فهو تجاهل وإغماض للعين والقلب وهم ما قال عنه مارتن لوثر كينغ: "أسوأ مكان في الجحيم محجوز لأولئك الذين يقفون على الحياد، أو يحمّلون غيرهم مسؤوليّة اتخاذ القرار والتحرّك الشجاع، في أوقات المعارك الأخلاقيّة العظيمة". وبكلمات أبسط، حان الوقت لقيادات حكيمة تملك الرؤية وقبلها الشجاعة السياسيّة والأخلاقيّة لاتخاذ قرارات حاسمة. وهي نادرة للأسف في الشرق الأوسط، والمطلوب من النخب السياسيّة أن تعي أنها ليست بمأمن ممّا يحدث في المنطقة، وأن الارتهان للقوى الخارجيّة لا يجدي نفعًا، حين لا ينفع الندم، ويبقى السؤال، هل نحن أمام عالم تعرف قياداته ماذا تريد وكيف تحقّق ذلك؟ أم أنها قيادات لا تدرك الوجهة الصحيحة، وبالتالي حالها كحال قبطان تائه يقود سفينته عبثًا دون ميناء محدّد، متناسيًا القول الشهير للفيلسوف والمفكر الفرنسيّ، ميشيل دي مونتين : "من لا يوجه سفينته إلى ميناء محدّد فسوف يجد كل الرياح غير مواتية"، فكم بالحري إذا كان هذا القبطان قد قرّر أن يقود سفينته، مع سبق الإصرار والترصّد، إلى ميناء غير محدَّد. وهو حال شرقنا اليوم.. وهذه هي الطامّة الكبرى. خاصّة وأن عقوبة الإنسان الأزليّة أنه لا يدرك قيمة الشيء في حياته إلا حين يخسره.


panet@panet.co.ilاستعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال ملاحظات لـ

إعلانات

إعلانات

اقرأ هذه الاخبار قد تهمك