مقال: ترامب ونتنياهو - هل القطيعة مجرّد تكتيك أم جزء من خطة مدروسة ؟ بقلم : سليم السعدي
في خطوة أثارت الكثير من الجدل، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه "قطع الاتصال" برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وهو ما رآه البعض انفجارًا عاطفيًا أو تصرفًا شخصيًا ناتجًا عن شعور بالخيانة.
صورة للتوضيح فقط - تصوير Pra Chid-shutterstock
إلا أن قراءة أوسع في سياق هذه الخطوة توحي بأنها جزء من مناورة سياسية أوسع ذات أبعاد استراتيجية في الشرق الأوسط
تكتيك أم رسالة إستراتيجية؟
لم يكن هذا التحرك معزولًا عن سلسلة خطوات نفذها ترامب ضمن رؤيته لإعادة ترتيب التحالفات الإقليمية. فمن وقف إطلاق النار غير المنسق مع الحوثيين، إلى التلميح بمفاوضات مباشرة مع إيران، إلى الضغط العلني لتوسيع دائرة التطبيع مع دول الخليج—كلها خطوات جرت بمعزل عن التنسيق الإسرائيلي التقليدي. الرسالة الضمنية واضحة: أميركا (أو مشروع ترامب تحديدًا) لم تعد تضع "التنسيق المسبق" مع إسرائيل كشرط مسبق لتحركاتها في المنطقة
تصعيد متعمد أم إعادة تموضع؟
يبدو أن ترامب، بخلفيته التفاوضية والتجارية، يتعامل مع نتنياهو كـ “طرف معرقِل" لخطته الكبرى، لا كشريك أساسي. وربما تعود جذور التوتر إلى شعوره بأن نتنياهو "استثمر" دعم ترامب في فترة رئاسته دون تقديم مقابل سياسي حقيقي، خاصة في ملفات الضم، صفقة القرن، وغزة. من هنا، فإن تجميد التواصل ليس سوى أداة ضغط تهدف لإعادة هندسة العلاقة على أساس جديد: من يعرقل مسار الصفقة الكبرى، يُستبعد.
إلى أين تتجه الأمور؟
المرحلة القادمة ستُظهر ما إذا كان هذا التوتر ظرفيًا أم بداية لتحول حقيقي في طبيعة العلاقة الأميركية الإسرائيلية داخل التيار المحافظ الأميركي. فترامب لا يزال يطمح للعب دور مركزي في صياغة توازنات ما بعد الصراع في الشرق الأوسط، ولا يريد لنتنياهو أن يفرض عليه حدودًا أو شروطًا
خلاصة:
ما يبدو "قطيعة" شخصية بين ترامب ونتنياهو ليس إلا مظهرًا من مظاهر مشروع أوسع لإعادة ترتيب النفوذ والتحالفات في المنطقة. هي ليست لحظة غضب، بل خطوة محسوبة ضمن معركة النفوذ، حيث يُعاد تعريف من هو "الحليف" ومن هو "العبء
ترامب ونتنياهو - قطيعة تكتيكية أم إعادة رسم لخريطة التحالفات؟
إعلان ترامب قطع الاتصال مع بنيامين نتنياهو ليس مجرد تصرف انفعالي، بل إشارة تكتيكية ضمن مشروع أوسع يعيد من خلاله ترتيب أوراق الشرق الأوسط. ترامب، الذي لطالما استخدم أسلوب التفاوض الحاد والضغط المباشر، لم يعد يرى في نتنياهو شريكًا مريحًا، بل عائقًا أمام ما يعتبره "الصفقة الكبرى" لإعادة تشكيل المنطقة.
تأتي هذه الخطوة في ظل تحركات أخرى لافتة: تفاوض مع إيران، وقف إطلاق نار مع الحوثيين، ودفع مستمر نحو تطبيع أوسع بين إسرائيل ودول الخليج، وكلها خطوات تجري بمعزل عن التنسيق الإسرائيلي التقليدي. إنها رسالة واضحة: "إما أن تسيروا معي وفق رؤيتي... أو تُستبعدوا من اللعبة."
القطيعة إذًا ليست نهاية علاقة، بل بداية اختبار جديد: من يملك القرار؟ ومن يملك أن يُعاد تشكيل الشرق الأوسط على يده؟
هل هناك انفراج حقيقي؟
بعض المؤشرات توحي بانفراج نسبي
• تفاوض أميركي مع إيران بوساطة عُمانية وقطرية
• تهدئة نسبية في أوكرانيا
• مبادرات اقتصادية صينية أوروبية مشتركة
• تطمينات سعودية صينية تجاه الأمن الإقليمي
لكن بالمقابل
• لا تزال العقوبات على إيران مشددة
• الناتو يواصل توسيعه في شرق أوروبا
• تايوان تشهد تصعيدًا في التسلح الأميركي
• الحصار على غزة يشتد، وسط صمت غربي أو دعم ضمني لإسرائيل
هذا يُشير إلى أن "الانفراج" ليس استراتيجيًا، بل "تكتيكي مؤقت" لإعادة التموضع، وإشغال الشعوب بخطاب السلام بينما تُحضّر خطط الحرب
إيران: الهدف القادم؟
كل المؤشرات العسكرية، خصوصًا تحركات إسرائيل والتهديدات المتكررة، توحي بأن ضربة ما تُحضّر ضد إيران—ربما تكون في شكل
• اغتيالات نووية
• ضربات على الحرس الثوري
• تحريض داخلي بتمويل معارضة
والتوقيت؟ قد يكون بعد انتخابات أميركية أو في ذروة فوضى إقليمية لإخفاء الدافع الحقيقي
الهند وباكستان: بداية حرب بالوكالة؟
الهند، بدفع أميركي وإسرائيلي، تعزز ترسانتها على حدود باكستان. وهناك ثلاث إشارات خطيرة:
• تحالف عسكري غير معلن مع إسرائيل
• تصعيد خطاب "الإرهاب الإسلامي"
• تلميحات أميركية لحرب "وقائية" في جنوب آسيا
دفع الهند نحو صدام مع باكستان (الدولة النووية المسلمة الوحيدة) قد يكون بوابة لحرب استنزاف طويلة تضعف آخر قوة إسلامية استراتيجية وتخلّف فوضى واسعة
هل هي حرب على المسلمين؟
الاستهداف المتكرر لبلدان ذات أغلبية مسلمة (غزة، سوريا، اليمن، إيران، أفغانستان، باكستان، ليبيا، نيجيريا...) لا يبدو صدفة. هناك نمط ممنهج
• إنهاك المجتمعات
• شيطنة المقاومة
• دعم أنظمة وظيفية
• ضرب أي مشروع تحرري
الخلاصة
ما نراه الآن ليس انفراجًا، بل هدنة خادعة. العالم يُعاد تشكيله، ولكن الخطط تجري بصمت ضد من تبقى من القوى المسلمة المؤثرة. وأخطر ما في المشهد: أن هذه المعارك تُدار باسم "السلام" و"مكافحة الإرهاب" و"حقوق الإنسان" بينما الهدف الحقيقي هو كسر ما تبقى من هوية واستقلال وقدرة على النهوض في عالمنا الإسلامي
هل يمكن ربطها بسلوك ترامب قطعه العلاقة مع نتنياهو؟
نعم، يمكن بكل قوة الربط بين سلوك ترامب في قطع العلاقة مع نتنياهو، وبين ما يبدو أنه إعادة توزيع أوراق كبرى في المنطقة، تمهيدًا لمرحلة صدام جديدة — قد تكون موجهة نحو إيران وباكستان، وتُدار من خلف ستار انفراجات وهمية
ترامب، نتنياهو، وإعادة توزيع الأعداء: هل بدأ العد التنازلي لحرب على ما تبقى من القوى المسلمة؟
حين أعلن دونالد ترامب قطع تواصله مع بنيامين نتنياهو، بدا الموقف للوهلة الأولى شخصيًا، مدفوعًا بخيبة سياسية من زعيم استثمر دعم ترامب دون رد الجميل. إلا أن نظرة أعمق تكشف أن الخطوة تحمل بعدًا استراتيجيًا يتجاوز العلاقات الشخصية، وتمهّد لمرحلة جديدة في هندسة الشرق الأوسط
فك الشراكة مع نتنياهو: انقلاب في قواعد اللعبة؟
ترامب لطالما قدّم نفسه كعرّاب صفقة القرن، والمُمسك بخيوط التحالفات الإقليمية، لكن نتنياهو بات يمثل عقبة أمام خططه لتوسيع "السلام الإبراهيمي"، لا سيما مع دول الخليج التي تتطلب مناخًا مستقرًا. بالتالي، فإن تجميد العلاقة مع نتنياهو قد لا يكون نهاية شراكة، بل إعادة تعريف لدور إسرائيل في مرحلة جديدة يجري فيها ترتيب الأولويات الأميركية على نحو مختلف
انفراجات زائفة... وضربة تُحضَّر؟
تبدو التحركات الأميركية الأخيرة (من تخفيف التصعيد مع إيران، إلى تسويات في اليمن وسوريا) وكأنها انفراجة. لكن واقع الحال أن هذه الخطوات قد تكون مجرد تكتيك لامتصاص التوترات، وإعادة تموضع قبل الضربة
المعلومات المتقاطعة تشير إلى سيناريوهات عدة
• ضربة لإيران تحت غطاء "فشل التفاوض"
• إشعال صراع في جنوب آسيا بتحريض الهند على باكستان
• تصفية قوى المقاومة بحصار اقتصادي وتجفيف الدعم
لماذا الآن؟ ولماذا بهذه الطريقة؟
الإدارة الأميركية، سواء بقيادة ترامب أو غيره، تدرك أن الحسم العسكري المباشر بات مكلفًا. لذلك، الأسلوب الجديد هو الضرب عبر الوكلاء والتحالفات المصطنعة، واستخدام أدوات ناعمة (تطبيع، تحريض قومي، دعم داخلي للانقلابات) لتمهيد الأرض
حرب بغطاء سلام
كل المؤشرات توحي بأن ما نراه من تهدئة بين الشرق والغرب، أو ما يُسوق له كـ “تقارب" أو "انفراج"، ليس إلا واجهة لتهيئة الرأي العام لمعركة جديدة، لكن هذه المرة بصيغة "تحالف ضد الخطر الإسلامي"، سواء كان متمثلاً في إيران، أو باكستان، أو أي قوة صاعدة تملك مشروعًا تحرريًا خارج الهيمنة الغربية.
من هنا وهناك
-
مقال : ‘ حتى نلتقي صبري ‘ - بقلم : يوسف أبو جعفر
-
متى سينتخب البابا الجديد؟ بقلم : وديع أبو نصار
-
مقال: نحن في المرحلة الاخطر منذ بدء الحرب ..لماذا ؟ بقلم : د. سهيل دياب - الناصرة
-
هل سيبقى النزاع الفلسطينيّ الإسرائيليّ قائمًا إلى يوم الدين؟ بقلم : المحامي زكي كمال
-
‘ الوساطة نهج حياة ‘ - بقلم: الشيخ أكرم سواعد
-
‘الاعتذار .. سهل ممتنع تتهاوى عند أعتابه الرجال‘ - بقلم : د. نضير الخزرجي
-
‘ يسوع أنت فصحُ السّماء ‘ - بقلم : زهير دعيم
-
مقال: ليست الأسود والقردة فحسب: عن التجارة غير القانونية بالحيوانات البرية
-
‘ أنا وجبران والصّليب...‘ - بقلم: زهير دعيم
-
رأي في اللغة ‘إشارةٌ إلى اسم الإشارة قل: هؤلاءِ العلماء، وقل: هذهِ العلماء‘ - بقلم : د. أيمن فضل عودة
أرسل خبرا